"اَلرَّبُّ نُورِى وَخَلاَصِى" (مز ١:٢٧) - الموضوع الاساسى2024

- هذا هو شعار مهرجان الكرازة المرقسية عام (2024) إن شاء الله، وهو أول آية من مزمور 27 لمعلمنا داود النبى، وقت أن كان فى زمن الضيق، مطاردًا من شاول الملك، فقد جلب الرب نُوْرًا إلى حياة داود. فلم ييأس فى الظلمة، إذ امتلأت حياته بحضور الرب، ولهذا امتلأت حياته بالنور والرجاء.
- وجلب الرب خلاصًا إلى حياة داود، فقد أنقذه الرب عدة مرات.
- فإن من كان الرب نورًا له سوف يرى قوة الله وخلاص الله، من الخوف وأحزان هذا العالم، وهمومه، وكذلك من الخطية.
- وهذا المزمور هو إعلان عن الله لأنه نورنا، وخلاصنا، وحصن حياتنا بصفة شخصية... فيه يخلص
المؤمن من أعدائه الروحيين، فتستنير بصيرته الداخلية لمعاينة الأمجاد السماوية، فهو - إذن - بمثابة مزمور ثقة وانتصار، حيث الرب نورنا وخلاصنا.

وهذه هى المحاور الرئيسية لشعار هذا العام
١- الرب. 2- الرب نورى. 3- الرب خلاصى.
أولاً: من هو الرب؟
نحن نؤمن بإله واحد مثلث الأقانيم: الآب، والابن، والروح القدس.. بمعنى أن: الآب هو الله.. والابن هو الله.. والروح القدس هو الله.. ليس ثلاثة آلهة.. بل إله واحد.. وهذا هو إيماننا بالثالوث القدوس.
فقد أعلن لنا الله أنه إله واحد مثلث الأقانيم فى الكتاب المقدس بعهديه (تث 4:6، 1يو 7:5).. أى أن الآب والابن والروح القدس متساوون فى الجوهر.. لكن: الآب غير الابن غير الروح القدس... كل أقنوم له صفة (خاصية) يتميز بها عن الأقنوم الآخر، أى أنهم (مختلفون من حيث الخواص الأقنومية).
فالآب = هو الأصل أو الينبوع - والابن = هو المولود من الآب - والروح القدس = هو المنبثق من الآب.
هذه الحقائق الإيمانية هى تعاليم كنيستنا القبطية الأرثوذكسية عن الثالوث القدوس، والقادر أن يمنحنا نعمة فنكون مستعدين لمجاوبة كل من يسألنا عن سبب الرجاء الذى فينا.
- "اَللهُ لَمْ يَرهُ أَحَدٌ قَطُّ. اَلابْنُ الْوَحِيدُ الَّذِى هُوَ فِى حِضْنِ الآبِ هُوَ خَبَّرَ" (يو ١٨:١)، فقد قال
الكتاب: "عَظِيمٌ هُوَ سِرُّ التَّقْوَى: اللهُ ظَهَرَ فِى الْجَسَدِ!!" (1تى ١٦:٣). فإن كان البعض يؤمنون بالله الكائن فى السماء - وهذا حسن وحق - وإن كان البعض الآخر يرفضون وجود الله، أو ينكرونه من الأساس، بسبب ظلمة وضعف قلوبهم المسكينة!! فإن إيماننا أن التجسد يكون هو الحل لكل مشاكل الإنسان، إذ بالتجسد نزل الله القدير المحب، والمعلم الحكيم، لينير الطريق للإنسان ويخلصه، حيث يغسله من طين الخطيئة، ويصعد به إلى الخلود السماوى. فدعنا نعرف من هو الله؟

1-الله أزلى أبدى (سرمدى) :
الله ليس له بداية وليس له نهاية فهو أزلى أبدى (سرمدى) "مِنْ قَبْلِ أَنْ تُولَدَ الْجِبَالُ، أَوْ أَبْدَأْتَ الأَرْضَ وَالْمَسْكُونَةَ، مُنْذُ الأَزَلِ إِلَى الأَبَدِ أَنْتَ اللهُ" (مز ٢:٩٠)..
فالله وحده الأزلى الذى لا بداية له، وأبدى لا نهاية له، فلا يوجد كائن أخر أزلى أبدى، لأن كل الكائنات لها بداية ولها نهاية. وبدايتها هى يوم خُلقت، يوم وُجدت، يوم ولدت.. وقبل ذلك لم يكن أى من تلك المخلوقات موجودًا. كل هذا الكون مخلوق، بما فيه، وله بداية وله نهاية أيضًا، فلا شئ فيه يتصف بالأزلية.. أما الله فهو يختلف عن ذلك "مُنْذُ الأَزَلِ مُسِحْتُ، مُنْذُ الْبَدْءِ، مُنْذُ أَوَائِلِ الأَرْضِ. إِذْ لَمْ يَكُنْ غَمْرٌ.. مِنْ قَبْلِ أَنْ تَقَرَّرَتِ الْجِبَالُ، قَبْلَ التِّلاَلِ أُبْدِئْتُ" (أم 23:8-25)، فالله لم تكن له بداية فى الزمن ولن تكون له نهاية.. حاشا لله!! فهو أبدى "أَنْتَ هُوَ وَسِنُوكَ لَنْ تَنْتَهِىَ" (مز ٢٧:١٠٢).
٢- الله الخالق :
هو وحده قد خلق كل شئ. وعبارة (خلق) تعنى أنه أوجد من العدم، أى من لا شئ.. فالله هو الذى خلق الكون كله بكلمة فيه: "كن فيكن"، والله لم يخلق فقط المادة وكل ما هو مادى، إنما خلق أيضًا الروح والعقل. وخلق الملائكة وهم أرواح. لقد خلق الله الحياة.. وكخالق يمكنه وحده أيضًا أن يسحب هذه الروح التى منحها للحياة. فهو الذى بيده الحياة والموت..
وهو أيضًا الذى خلق الطبيعة، فـ "فِى الْبَدْءِ خَلَقَ اللهُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ" (تك 1:1).. وبإمكانه أن يفنيها..
- فهنا الحديث عن بداية الخليقة: خلق الأرض، والجلد، والشمس، والقمر، والنجوم، والنبات،
والحيوان، والإنسان. هذا كله حدث فى الزمن، حينما خلق الله السموات والأرض وما عليها.. ومن ينكر وجود الله فهو معصوم العينين لا يبصر.
٣- الله واجب الوجود :
من صفات الله وحده أنه واجب الوجود، أى أن الضرورة تحتم وجوده. ذلك أن كل الموجودات تحتم وجود كائن أعلى كلى القدرة، فهو الذى أوجدها، وهو السبب الأصلى لإيجاد جميع الموجودات. ولا يوجد كائن غير الله، يمكن وصفه بأنه واجب الوجود "لأَنَّهُ كَمَا أَنَّ الآبَ لَهُ حَيَاةٌ فِى ذَاتِهِ، كَذلِكَ أَعْطَى الابْنَ أَيْضًا أَنْ تَكُونَ لَهُ حَيَاةٌ فِى ذَاتِهِ" (يو ٢٦:٥).
٤- الله غير المحدود وقدرته غير محدودة:
الله غير محدود من جهة المكان أو الزمان: فهو موجود فى كل مكان وزمان، فى السماء، وعلى الأرض، وما بينهما. ولا يخلو منه مكان، ولا يسعه مكان ولا يحده مكان، هو دائم الحضور فى كل موضع "الَّذِى يَمْلأُ الْكُلَّ فِى الْكُلِّ" (أف ٢٣:١).. وعلى مر الأزمان وما بعدها.. فهو غير محدود فى كل شئ، وقادر على كل شئ، وقدته غير محدودة، ولا يشاركه أحد فى هذه الصفة من البشر ولا الملائكة "قَالَ يَعْقُوبُ لِيُوسُفَ: اللهُ الْقَادِرُ عَلَى كُلِّ شَىْءٍ" (تك ٣:٤٨).
٥- الله العارف بكل شئ :
فالله هو الوحيد الذى يعرف كل شئ عن كل شئ. فى كل زمان وفى أى مكان، وهو أيضًا الذى يعرف الأمور قبل كونها، أى أنه يعرف المستقبل، ويعرف الغيب، وكل بواطن الأمور. يعرف الماضى والحاضر والمستقبل، وكل ذلك كائن أمامه فى نفس الوقت. يعرف الخفيات والظاهرات. فهو يعرف معرفة كاملة شاملة، معرفة يقينية ثابتة "وَلَيْسَتْ خَلِيقَةٌ غَيْرَ ظَاهِرَةٍ قُدَّامَهُ، بَلْ كُلُّ شَىْءٍ عُرْيَانٌ وَمَكْشُوفٌ لِعَيْنَىْ ذلِكَ الَّذِى مَعَهُ أَمْرُنَا" (عب ١٣:٤).
٦- الله ضابط الكل :
فلا يمكن أن يحدث أمر ما فى الكون كبيرًا كان أو صغيرًا إلا بإذن الله، وسماح منه، فكل ما يجرى فى الكون بتدبير إلهى "وَأَمَّا أَنْتُمْ فَحَتَّى شُعُورُ رُؤُوسِكُمْ جَمِيعُهَا مُحْصَاةٌ" (مت ٣٠:١٠).
٧- الله لا يتغير :
إن موازين الله ثابتة كما هى لا تتغير "الَّذى لَيْسَ عِنْدهُ تَغْيِيرٌ وَلاَ ظِلُّ دَوَرَانٍ" (يع 17:1). فالله لا يتغير مطلقًا. لا يزداد لأنه لا توجد زيادة يصل إليها لأنه لا نهائى، إذ هو كامل فى كل شئ. ولا ينقص فى أى شئ لأن النقص لا يتفق مع لاهوته. وهو لا يتغير لأنه لا يوجد وضع أفضل مما هو فيه لكى يتغير إليه.
٨- الله كلى القداسة :
قداسة الله: هى "عصمته"، أى عدم إمكانية الخطأ، وهى قداسة مطلقة، وغير محدودة.. وكلمة "عصمة" بالإنجليزية تشرح نفسها بنفسها فهى (عصمة = Infallability)) وهى كلمة من 3 مقاطع: In = للنفى، fall = يسقط، ability = إمكانية.. أى "عدم إمكانية السقوط".. أى العصمة الكاملة، والقداسة غير المحدودة والمطلقة. وهى غير موجودة إلا فى الله وحده، لأنه "لَيْسَ قُدُّوسٌ مِثْلَ الرَّبِّ" (١صم ٢:٢)، فهى من أهم الأدلة على أن السيد المسيح هو اللوغوس.. الله "الكلمة" ظاهرًا فى الجسد، لأنه "لَمْ يَعْرِفْ خَطِيَّةً" (2كو 21:5)، وقد تحدى اليهود قائلاً: "مَنْ مِنْكُمْ يُبَكِّتُنِى عَلَى خَطِيَّةٍ؟" (يو 46:8).
٩- الله المتجسد لأجل فدائنا:
يتصور البعض أن التجسد شئ غير مقبول يمكن أن ننسبه إلى الله، ولكن الحقيقة أن التجسد:
1- لا يتعارض مع قداسة الله. 2- ولا يتعارض مع قدرة الله.
3- ولا يتعارض مع حكمة الله. 4- ولا يتعارض مع كرامة الله.
بل أن التجسد هو تحقيق لوعد الله بالخلاص، الذى تنبأ عنه الآباء فى العهد القديم، والذى وعدنا به الله بمجئ الفادى: "يُعْطِيكُمُ السَّيِّدُ نَفْسُهُ آيَةً: هَا الْعَذْرَاءُ تَحْبَلُ وَتَلِدُ ابْنًا وَتَدْعُو اسْمَهُ عِمَّانُوئِيلَ" (إش 14:7)، "لأَنَّهُ يُولَدُ لَنَا وَلَدٌ وَنُعْطَى ابْنًا، وَتَكُونُ الرِّيَاسَةُ عَلَى كَتِفِهِ، وَيُدْعَى اسْمُهُ عَجِيبًا، مُشِيرًا، إِلهًا قَدِيرًا، أَبًا أَبَدِيًّا، رَئِيسَ السَّلاَمِ" (إش 6:9)..
إذ كان لابد من فادٍ.. وأن تجتمع فى هذا الفادى المواصفات التالية:
1- أن يكون إنسانًا.. ليمثل الإنسانية الساقطة. 2- أن يموت.. لأن أجرة الخطية موت.
3- أن يكون غير محدود.. لأن خطيئة آدم غير محدودة، إذ هى موجهة إلى الله غير المحدود،
والفادى المطلوب يجب أن يكون غير محدود، ليكفر عن خطايا البشرية كلها عبر كل الدهور.
4- أن يكون بلا خطية.. لأن فاقد الشئ لا يعطيه.
5- أن يكون خالقًا.. ليستطيع تجديد خلقة الإنسان.
والوحيد الذى يمكن أن تجتمع فيه كل هذه المواصفات هو الله: الذى يمكنه أن يتجسد فى صورة إنسان قابل للموت، وهو غير المحدود، القدوس الذى بلا خطية، والخالق القادر على تجديد الإنسان، وإعادته إلى صورته الأولى..
١٠- الله الحى الذى لا يموت :
إذ أنه هو الحياة.. فهل الحياة تموت؟! وهل مانح الحياة يموت؟!.. حاشا!.. فهو القائل: "أَنَا هُوَ الْقِيَامَةُ وَالْحَيَاةُ. مَنْ آمَنَ بِى وَلَوْ مَاتَ فَسَيَحْيَا" (يو 25:11)، وبعد موته عنا بالجسد، وفدائه لنا بالصليب، أقام نفسه بنفسه، وقام ولم يمت، ولن يموت إلى الأبد، فهو الله "الْحَىِّ إِلَى أَبَدِ الآبِدِينَ" (رؤ 9:4، 6:10، 7:15).
١١- الله الساكن فينا :
عمانوئيل = الله معنا. المسيحية = الله فينا.
- هذه النقلة الجبارة من الإله العالى، الساكن فى علياء سمائه، والذى تنازل إلينا فى صورة "عمانوئيل"
فأصبح الله المتنازل، الكائن معنا "الَّذِى إِذْ كَانَ فِى صُورَةِ اللهِ، لَمْ يَحْسِبْ خُلْسَةً أَنْ يَكُونَ مُعَادِلًا للهِ. لكِنَّهُ أَخْلَى نَفْسَهُ، آخِذًا صُورَةَ عَبْدٍ، صَائِرًا فِى شِبْهِ النَّاسِ" (فى ٦:٢-٧)، فجاءت بعدها نقلة أخرى، إذ صار عمانوئيل ساكنًا فينا!! وهذا هو جوهر المسيحية!! إذ صار روح الله ساكنًا فينا، وصرنا نحن هياكل مقدسة يسكنها الروح القدس "الْمَسِيحُ فِيكُمْ رَجَاءُ الْمَجْدِ" (كو 27:1).


ثانيًا: الرب نورى
١- الله هو النور الحقيقى ومصدره:
"الله هو نور.. وساكن فى النور.. وتسبحه ملائكة النور.. النور أشرق من مريم.." (القطعة التاسعة من ثيؤطوكية يوم الاثنين). فالله هو النور وخالق ومصدر النور:
أ‌- الله هو نور: فهو الذى قال: "أَنَا هُوَ نُورُ الْعَالَمِ. مَنْ يَتْبَعْنِى فَلاَ يَمْشِى فِى الظُّلْمَةِ" (يو 12:8).
- "وَهذَا هُوَ الْخَبَرُ الَّذِى سَمِعْنَاهُ مِنْهُ وَنُخْبِرُكُمْ بِهِ: إِنَّ اللهَ نُورٌ وَلَيْسَ فِيهِ ظُلْمَةٌ الْبَتَّةَ" (1يو 5:1).
- وفى سفر الرؤيا يقال عن السيد المسيح عندما ظهر للقديس يوحنا الحبيب: "وَجْهُهُ كَالشَّمْسِ وَهِىَ تُضِىءُ فِى قُوَّتِهَا" (رؤ 16:1).
- فى قطع صلاة باكر نقول: "أيّها النورُ الحقيقىُّ الذى يُضئُ لكلِّ إنسانٍ آتٍ إلى العالمِ.. عندما دَخلَ إليْنا وقَتُ الصَّباحِ أيّها المسيحُ إلهُنا النورُ الحقيقىُّ فلتشرق فينا...".
- بل أن الله هو أبو الأنوار ومصدرها (يع 17:1)، و"سَاكِنًا فِى نُورٍ لاَ يُدْنَى مِنْهُ" (1تى 16:6).
ب- الله مصدر النور: فهو الذى خلقه حين قال: "لِيَكُنْ نُورٌ، فَكَانَ نُورٌ وَرَأَى اللهُ النُّورَ أَنَّهُ حَسَنٌ.
وَفَصَلَ اللهُ بَيْنَ النُّورِ وَالظُّلْمَةِ" (تك 3:1-4). وهذه هى أول أعمال الله لأجل الإنسان، حيث به يقدر أن يرى، ويدرك، ويتمتع بما يقدمه له الحب الإلهى... وتعلمنا الكنيسة أن نسير فى هذا النور الإلهى من خلال...


٢- تعليم الكتاب المقدس :
فكتابنا المقدس بعهديه هو كلام الله، وصاياه ووعوده، وقد كُتب بوحى من الروح القدس، وهو دستور حياتنا.. تسلمناه بالتقليد.. فنحفظه ونحيا بوصاياه فإن:
- "وَصَايَا الرَّبِّ مُسْتَقِيمَةٌ تُفَرِّحُ الْقَلْبَ. أَمْرُ الرَّبِّ طَاهِرٌ يُنِيرُ الْعَيْنَيْنِ" (مز ٨:١٩).
- "سِرَاجٌ لِرِجْلِى كَلاَمُكَ وَنُورٌ لِسَبِيلِى" (مز 105:119).
- "لأَنَّ الْوَصِيَّةَ مِصْبَاحٌ، وَالشَّرِيعَةَ نُورٌ" (أم 23:6).
فنستطيع أن نميز الغث والسمين.. وقد أوصانا السيد المسيح:
- "فَلْيُضِئْ نُورُكُمْ هكَذَا قُدَّامَ النَّاسِ، لِكَىْ يَرَوْا أَعْمَالَكُمُ الْحَسَنَةَ" (مت 16:5).
- "فَسِيرُوا مَا دَامَ لَكُمُ النُّورُ لِئَلاَّ يُدْرِكَكُمُ الظَّلاَمُ" (يو 35:12).
٣- الكنيسة وليتورجياتها :
أ- الكنيسة هى منارة طقسية روحانية: تشبه السماء فى نجومها وفى ملائكتها، فهى دائمًا تكون
مُنارة بأنوار كثيرة، مثل السماء على الأرض، إشارة إلى حضور الله الساكن فى النور، وهى إشارة إلى مجد الكنيسة وبهاءها، ألم تكن تضاء المنارة دائمًا فى خيمة الاجتماع.. لذلك تضاء الكنيسة، ولاسيما عند قراءة فصول الكتب الإلهية. لأننا لا يمكن أن نتصور السماء مظلمة. فهى "مَسْكَنُ اللهِ مَعَ النَّاسِ، وَهُوَ سَيَسْكُنُ مَعَهُمْ، وَهُمْ يَكُونُونَ لَهُ شَعْبًا" (رؤ ٣:٢١).
ويظهر ذلك فى الصلوات الليتورجية:
ب- فى صلوات المعمودية (سر الاستنارة).. إذ قد اعتمدنا فقد استنرنا، وإذ قد استنرنا نكون قد صرنا أولادًا لله، وإذ صرنا أولادًا نكون قد تكاملنا...
- ويطلب الأب الكاهن لأجل المعمدين: "ادع عبيدك إلى نورك الطاهر" - "افتح أعين قلوبهم ليستضيئوا بضياء إنجيل ملكوتك" - "اجعلهم.. أوانى طاهرة، أبناء للنور".
ج- وفى صلوات القسمة فى القداس الإلهى.. نصلى: "اللهم والد النور، ورئيس الحياة... الذى أصعدنا من العمق إلى النور... الذى جعل ظلمة الضلالة التى فينا تضئ من قبل إتيان ابنك الوحيد بالجسد".
- "أنت هو الله الرحوم.. الذى أضاء لنا نحن الخطاة".
- "يا من فتح أعين العميان افتح عيون قلوبنا..".
د- وفى صلوات الأجبية: فى تحليل صلاة باكر نطلب: "أنِرْ عُقولَنا وُقلوبَنا وأَفهامَنا يا سَيّدَ الكلِّ..
ليُشرقْ لنا نورُ وَجهكَ، وليُضئْ عَلينا نورُ عِلمكَ الإلهى. واجْعلنا يا سَيِّدَنا أنْ نكونَ بَنى النّور وبَنى النَّهار، لكى نَجوزَ هذا اليَوم بِبِرٍ وطَهارةٍ وتَدبيرٍ حَسنٍ".
- وفى تحليل نصف الليل نطلب: "أنر عقولنا لنفهم أقوالك المحيية، وأنهضنا من ظلمة الخطية القاتلة للنفس".
ه- وتاريخ الكنيسة المجيد: عبر العصور هو أيضًا نور لنا على الطريق، بتراث الآباء من قوانين
وقرارات ونتائج وضعتها المجامع المسكونية، والتى لا يمكن تغييرها أو تجاهلها.. كما أن حياة وأقوال آباء الكنيسة العظام وتفسيراتهم للكتاب المقدس، هى أنوار على الطريق، والسبيل إلى بلوغ الأبدية. لذا تجاهد الكنيسة القبطية الأرثوذكسية فى حفظ وديعة الإيمان المستقيم، والتعليم السليم، وعقيدتنا الراسخة، كما تسلمناها من هؤلاء الآباء العظام أمثال: القديس البابا أثناسيوس الرسولى، والقديس كيرلس الكبير، والقديس ديسقوروس وغيرهم.. إلخ.
٤- نور حياة القديسين :
- السيد المسيح جاء ليضىء للعالم، وجعل تلاميذه يعكسون نوره كما يعكس القمر نور الشمس..
وأوصانا بحياة القداسة: "كُونُوا قِدِّيسِينَ لأَنِّى أَنَا قُدُّوسٌ" (1بط ١٦:١)، فامتلأت الكنيسة بالقديسين الذين صاروا نورًا لنا، نستمع إلى سيرهم بكتاب السنكسار يوميًا..
- ففى أسبوع الآلام عندما ننتهى من قراءة أى فصل من أقوال أحد الآباء نقول: "فلنختم عظة أبينا
القديس (فلان) الذى أنار عقولنا بتعاليمه النافعة"، لذلك نحن نسير على خطاهم، حسب الوصية: "انْظُرُوا إِلَى نِهَايَةِ سِيرَتِهِمْ فَتَمَثَّلُوا بِإِيمَانِهِمْ" (عب 7:13).
٥- حياة الأبرار نور :
فأول ما يقال فى التسبحة: "قوموا يا بنى النور لنسبح رب القوات". لأنكم "كُنْتُمْ قَبْلًا ظُلْمَةً، وَأَمَّا الآنَ فَنُورٌ فِى الرَّبِّ. اسْلُكُوا كَأَوْلاَدِ نُورٍ" (أف 8:5).
رمزًا للإشعاع الذى يصدر عن المؤمن فى كلماته، وسكناته، وحركاته، وسلوكياته، وكافة نشاطاته، إذ يشرق من خلالها جميعًا نور المسيح الساكن فيه، فيهزم فلول الظلمة، ويهدى خطوات مَنْ حوله من البشر.
٦- نور الحياة الأبدية :
وإن كان أول الكتاب المقدس يتكلم عن خلقة النور الذى خلقه الله فى اليوم الأول. فآخر الكتاب المقدس أيضًا يتكلم عن أورشليم السمائية المنيرة التى يقول فيها: "مَجْدَ اللهِ قَدْ أَنَارَهَا، وَالْخَرُوفُ سِرَاجُهَا" (رؤ ٢٣:٢١)، وفى القيامة سوف يقوم الأبرار بأجسام: نورانية، روحانية، سمائية، مقدسة إلى حياة أبدية مع الرب يسوع والقديسين.
فلنكن النور المشع فى العالم، والذى هو بالضرورة:
أ‌- إشراق وانعكاس لنور المسيح علينا: كما ينعكس نور الشمس على القمر.
ب- سكنى واستقرار نور الله داخلنا، لذلك شبه السيد المسيح عروسه بالشمس الطاهرة (نش ١٠:٦).
فلنشكر الرب، الذى جعلنا نورًا للعالم، إذ سكن فينا، وهو يشع من خلالنا بصورته الإلهية. وقادر أن ينير حياتنا من الداخل ومن الخارج، ويقود طريقنا إلى الملكوت.


ثالثًا: الرب خلاصى
١- ما معنى "الخلاص"؟
الخلاص فى مفهومنا القبطى الأرثوذكسى مرتكز على الكتاب المقدس والآباء:
- الخلاص بالإنجليزية Salvation من كلمة "Save"، (ومعناها يخلِّص)..
- لقد أخطأ الإنسان وتعدى الوصية، وكانت عقوبة الخطية والموت، فحكم عليه هو وبنيه (البشرية
كلها) بالموت، كما فسدت طبيعته كنتيجة لفعل الخطية فيها. وأصبح الإنسان فى حاجة ماسة لمخلص يخلصه من هذا كله ليعود مرة أخرى إلى الفردوس للسكنى مع الله.
- وهذا الخلاص عملية تستمر طول العمر، تبدأ فى الكنيسة من خلال: ممارسة الأسرار الكنسية
اللازمة للخلاص: المعمودية، والميرون، والإفخارستيا، وتكتمل بالتوبة والاعتراف، وتختتم بتغيير الجسد إلى جسد روحانى سمائى!! لهذا فنحن نرفض عبارة "خلصت" وفكرة "الخلاص فى لحظة"، لا حبًا فى الجدل العقيدى، بل فهمًا لأبعاد "عملية" الخلاص.
يقول قداسة البابا شنوده الثالث فى كتاب "بدعة الخلاص فى لحظة": أنت يا أخى كنت فى صُلب آدم حينما أخطأ، وحينما عوقب، ودخل الموت إليه، فورثت عنه كل هذا، وتلقيت معه حكم الموت كجزء منه، ودخلت الخطية إلى طبيعتك، ففقدت صورتك الإلهية، وأصبحت فى حاجة إلى الخلاص من هذه الخطية الأصلية الجدية، ومن كل نتائجها، وعقوبتها هذه، التى قال عنها معلمنا بولس الرسول: "فَإِذًا كَمَا بِخَطِيَّةٍ وَاحِدَةٍ صَارَ الْحُكْمُ إِلَى جَمِيعِ النَّاسِ لِلدَّيْنُونَةِ، هكَذَا بِبِرّ وَاحِدٍ صَارَتِ الْهِبَةُ إِلَى جَمِيعِ النَّاسِ، لِتَبْرِيرِ الْحَيَاةِ" (رو ١٨:5).
فنحن فى حاجة إلى السيد المسيح الذى:
1- يخلصنا من الخطية الأصلية الجدية: التى ورثناها من أبينا آدم وأمنا حواء.
2- ويخلصنا من فساد طبيعتنا البشرية: التى أصبحت تميل إلى فعل الخطية، بعد السقوط.
٣- ويخلصنا من الموت الرباعى: أ- الموت الجسدى: بالقيامة من الأموات.
ب- الموت الروحى: حينما ندخل إلى عشرة معه ويسكن فينا.
ج- الموت الأدبى: حينما نصير أولاده وشركاء طبيعته الإلهية.
د- الموت الأبدى: بالدخول إلى ملكوت السموات.
٤- ويخلصنا من الخطايا الفعلية: التى تسيطر علينا بسبب كثرة السقوط فيها: خطايا الفكر، والحواس، والمشاعر، والجسد، والعلاقات... إلخ.
٥- ويخلصنا من أحزان وأتعاب هذا العالم: بعمل روحه القدوس الساكن فينا، إذ وعدنا: "فِى الْعَالَمِ سَيَكُونُ لَكُمْ ضِيقٌ، وَلكِنْ ثِقُوا: أَنَا قَدْ غَلَبْتُ الْعَالَمَ" (يو ٣٣:١٦).
٦- ويخلصنا من جسد الضعف: الذى لا يكف عن السقوط حتى النفس الأخير، إلى أن يتغير - بقوة القيامة - إلى جسد نورانى ممجد.
٧- ويخلصنا من حروب الشياطين: وغواية عدو الخير، الذى لا يريد إلا هلاكنا ونحن نثق أن "إِلهُ السَّلاَمِ سَيَسْحَقُ الشَّيْطَانَ تَحْتَ أَرْجُلِكُمْ سَرِيعًا" (رو ٢٠:١٦).
٢- ركائز الخلاص (كيف نخلص؟) :
- بميلاد السيد المسيح ولد المخلص.. بل ولد الخلاص.. فالرب يسوع هو الفادى، وهو الفدية فى آن واحد.
- فلا خلاص دون فداء.. ولا فداء دون تجسد.. ولا تجسد دون ميلاد!!
السيد المسيح قدم خلاص يكفى لجميع الخطاة، فى جميع أنحاء العالم.. لكل العصور.. ولكن لم يخلص الكل، بل كل من آمن به خلص، إنما قبول الخلاص بشروط معينة وهى:
١- الإيمان بالسيد المسيح المخلص الوحيد: لذلك قال معلمنا بطرس الرسول: "لَيْسَ بِأَحَدٍ غَيْرهِ الْخَلاَصُ" (أع 12:4). "لِكىْ لاَ يَهْلِكَ كُلُّ مَنْ يُؤْمِنُ بِهِ بَلْ تَكُونُ لَهُ الْحَيَاةُ الأَبَدِيَّةُ" (يو 16:3).
وفى البشارة بميلاد السيد المسيح: قيل: أنه "سَتَلِدُ ابْنًا وَتَدْعُو اسْمَهُ يَسُوعَ. لأَنَّهُ يُخَلِّصُ شَعْبَهُ مِنْ خَطَايَاهُمْ" (مت 21:1)، ولما بشرت الملائكة به بشرت بأنه يولد لكم "مُخَلِّصٌ هُوَ الْمَسِيحُ الرَّبُّ" (لو ١١:٢)... إذن المسيح هو المخلص، ولا خلاص لأحد بغير الإيمان بالمسيح المخلص.
فلا خلاص من خطايانا لمجرد الإيمان بوجود الله فقط، فحتى أخناتون كان يؤمن بوجود الله. ولكن الخلاص يتم حين نؤمن أن إلهنا العظيم تجسد فى شكل إنسان، من القديسة مريم العذراء، وصُلب على الصليب.. مات وقام من أجل خلاصنا.. ثم صعد بجسده النورانى إلى السماء.. وأرسل لنا المعزى الروح القدس.. وأسس لنا الكنيسة المقدسة.. ووضع فيها الأسرار الخلاصية.. التى بدونها لا خلاص للإنسان.
وواضح أن الإيمان بالسيد المسيح جوهرى للخلاص، كما فى قول الرب: "لأَنَّهُ هَكَذَا أَحَبَّ اللَّهُ الْعَالَمَ حَتَّى بَذَلَ ابْنَهُ الْوَحِيدَ، لِكَىْْ لاَ يَهْلِكَ كُلُّ مَنْ يُؤْمِنُ بِهِ بَلْ تَكُونُ لَهُ الْحَيَاةُ الأَبَدِيَّةُ" (يو 16:3).
وقال أيضًا: "مَنْ آمَنَ وَاعْتَمَدَ خَلَصَ، وَمَنْ لَمْ يُؤْمِنْ يُدَنْ" (مر 16:16)، "مَنْ هُوَ الَّذِى يَغْلِبُ الْعَالَمَ، إِلاَّ الَّذِى يُؤْمِنُ أَنَّ يَسُوعَ هُوَ ابْنُ اللهِ؟" (1يو 5:5).
2- ممارسة الأسرار المقدسة : لأن الكتاب المقدس يعلمنا عن أهمية الأسرار للخلاص:
1- سر المعمودية: "إِنْ كَانَ أَحَدٌ لاَ يُولَدُ مِنَ الْمَاءِ وَالرُّوحِ، لاَ يَقْدِرُ أَنْ يَدْخُلَ مَلَكُوتَ اللَّهِ" (يو 5:3). "مَنْ آمَنَ وَاعْتَمَدَ خَلَصَ" (مر 16:16).
2- سر الميرون: "وَأَمَّا أَنْتُمْ فَلَكُمْ مَسْحَةٌ مِنَ الْقُدُّوسِ" (1يو 20:2)، لكى نكون هياكل مقدسة يسكنها روح الله.
3- سر التوبة والاعتراف: "إِنْ لَمْ تَتُوبُوا فَجَمِيعُكُمْ كَذَلِكَ تَهْلِكونَ" (لو 3:13-5).
4- سر التناول: "مَنْ يَأْكُلْ جَسَدى وَيَشْرَبْ دَمِى، يَثْبُتْ فِىَّ وَأَنَا فِيهِ" (يو 56:6). فالأسرار الأربع السابقة هى اللازمة للخلاص.
5- سر مسحة المرضى: "أَمَرِيضٌ أَحَدٌ بَيْنَكُمْ؟ فَلْيَدْعُ شُيُوخَ الْكَنِيسَة،ِ فَيُصَلُّوا عَلَيْهِ وَيَدْهَنُوهُ
بِزَيْتٍ بِاسْمِ الرَّبِّ، وَصَلاَةُ الإِيمَانِ تَشْفِى الْمَرِيضَ وَالرَّبُّ يُقِيمُهُ، وَإِنْ كَانَ قَدْ فَعَلَ خَطِيَّةً تُغْفَرُ لَهْ" (يع 14:5-15).
٦- سر الزيجة: الزواج المقدس هو اتحاد بين رجل واحد وامرأة واحدة (كما أراده الرب) بطهر
ونقاوة مدى الحياة، بهدف تأسيس عائلة، وهو سر مقدس حيث يحل الروح القدس على العروسين (رجل + امرأة)، ويوحدهما فيصيران قلبًا واحدًا وجسدًا واحدًا، فمنذ البدء خلق الله حواء لآدم "مُعِينًا نَظِيرهُ" (تك 18:2).
- ويقول الكتاب المقدس عن سر الزيجة: "هذَا السِّرُّ عَظِيمٌ" (أف ٣٢:٥). وكنيستنا علمتنا حياة الطهارة، لذلك نرفض ما يسمى "بالزواج المثلى" المخالف للكتاب المقدس.
7- سر الكهنوت: الكهنة هم خدام سر الخلاص، تقيمهم الكنيسة ليقوموا بالرعاية، والتعليم، وممارسة الأسرار المقدسة.
- "فَيَجِبُ أَنْ يَكُونَ الأُسْقُفُ... صَالِحًا لِلتَّعْلِيمِ" (1تى 2:3).
- "لاَحِظْ نَفْسَكَ وَالتَّعْلِيمَ وَدَاوِمْ عَلَى ذَلِكَ، لأَنَّكَ إِذَا فَعَلْتَ هَذَا تُخَلِّصُ نَفْسَكَ وَالَّذِينَ يَسْمَعُونَكَ أَيْضًا" (1تى 16:4).
- "هكَذَا فَلْيَحْسِبْنَا الإِنْسَانُ كَخُدَّامِ الْمَسِيحِ، وَوُكَلاَءِ سَرَائِرِ اللهِ" (1كو 1:4).
٣- الأعمال الصالحة :
- "أَنَّ الإِيمَانَ بِدُونِ أَعْمَالٍ مَيِّتٌ؟" (يع 20:2). "أَرِنِى إِيمَانَكَ بِدُونِ أَعْمَالِكَ، وَأَنَا أُرِيكَ بِأَعْمَالِى إِيمَانِى" (يع 18:2).
(أف 10:2). فالأعمال الصالحة أساسية للخلاص، لأنها تبرهن على صدق الإيمان، وكثمرة من ثماره.
4- تجلى الجسد :
والمقصود بذلك أن أجسادنا التى نعيش بها على الأرض، لوثتها الخطيئة، مما يجعلنا نخطئ من آن لآخر. فمع أن الإنسان المسيحى يجاهد أن لا يخطئ، إلا أنه - بسبب جسد الخطيئة الذى نعيش فيه - يضعف ويخطئ، لكنه يقوم سريعًا بالندم وبروح التوبة، وأمانة الاعتراف، ويقول للخطيئة: "لاَ تَشْمَتِى بِى يَا عَدُوَّتِى. إِذَا سَقَطْتُ أَقُومُ" (مى 8:7).
فطالما نحن فى جسد الخطيئة.. الجسد الكثيف القابل للسقوط، والمرض، والموت، فلن يكتمل خلاصنا بل لابد من خلع هذا الجسد الترابى، جسد الهوان والضعف، لنلبس الجسد النورانى، السمائى، الممجد، غير القابل للمرض ولا للسقوط ولا للموت..
إذن نتخلص من جسد الخطيئة هذا فى القيامة! أى عندما نقوم فى المجئ الثانى، إذ أننا سنقوم بأجساد جديدة: روحانية، نورانية، سمائية، ممجدة، تمامًا كجسد السيد المسيح الذى قام به من بين الأموات.
وهذا ما نسميه "تجلى الجسد" (Transfiguration) حيث كلمة Trans = تغيير، و Figure = شكل.. أى أن شكل أجسادنا سيتغير إلى تلك الصورة النورانية والروحانية عينها... وهو الجسد الذى سنصعد به حينما يأتى السيد المسيح فى المجىء الثانى ليأخذنا على السحاب، فيقوم جميع المؤمنين به بأجساد نورانية.
- "فَإِنَّ سِيرَتَنَا نَحْنُ هِىَ فِى السَّمَاوَاتِ، الَّتِى مِنْهَا أَيْضًا نَنْتَظِرُ مُخَلِّصًا هُوَ الرَّبُّ يَسُوعُ الْمَسِيحُ، الَّذِى سَيُغَيِّرُ شَكْلَ جَسَدِ تَوَاضُعِنَا لِيَكُونَ عَلَى صُورَةِ جَسَدِ مَجْدهِ" (فى 20:3-21).
- "وَكَمَا لَبِسْنَا صُورَةَ (الجسد) التُّرَابِىِّ، سَنَلْبَسُ أَيْضًا صُورَةَ (الجسد) السَّمَاوِىِّ" (1كو 49:15).
هذه - إذن - هى الركائز الأربع للخلاص
1- الإيمان بالمسيح.. فلنحيا له مؤمنين بتجسده وفدائه لنا.
2- الأسرار المقدسة.. فلنمارسها بأمانة لتقدسنا.

 3- الأعمال الصالحة.. كدليل وثمر على صدق إيماننا.
4- تجلى الجسد.. وهذا ما يهبه الرب لنا فى مجيئه الثانى.
شكرًا لإلهنا الرب يسوع، نور حياتنا ومخلص نفوسنا ومانح القوة والرجاء والعزاء والسلام والثبات.. فلذا:
- لا نخاف من أى ضيقات مهما كانت.. فقد مرت بالكنيسة عبر التاريخ العديد من الحروب
والتشكيكات، والانحرافات الإيمانية والعقائدية، وكل هذه اختفت وبقيت الكنيسة قوية، فريدة، وحيدة، ثابتة، نورًا للعالم، وشمسًا مشرقة، وجيشًا مرهبًا، ترتعب منه كل الشياطين، فإن "أَبْوَابُ الْجَحِيمِ لَنْ تَقْوَى عَلَيْهَا" (مت ١٨:١٦).
- لا نخاف لأننا نتحد بالرب داخلنا: من خلال التناول من الأسرار المقدسة، فنثبت فيه وهو فينا،
حينئذ نكون قد اكتسبنا نعمة الله الحافظة لنا، والتى تمنحنا السلام والاطمئنان، وتهزم فلول الشر، وتنير لنا الطريق.
- لا نخاف إذ أننا أولاد الله: "لأَنَّ كُلَّ الَّذِينَ يَنْقَادُونَ بِرُوحِ اللهِ، فَأُولئِكَ هُمْ أَبْنَاءُ اللهِ" (رو ١٤:٨).
فهو يمنحنا بقوة صليبه النصرة والغلبة، ولذا نفتخر به فهو قوة الله لخلاصنا (١كو ١٨:١).

وهذا كان إيمان كل شهداء الكنيسة الأبرار على مر العصور، وما رآه العالم فى مشهد استشهاد الـ ٢١ شهيدًا بليبيا.
- لا نخاف لأن لنا رجاء فى الحياة الأبدية: "مَنْ يَغْلِبُ فَسَأُعْطِيهِ أَنْ يَجْلِسَ مَعِى فِى عَرْشِى، كَمَا غَلَبْتُ أَنَا أَيْضًا وَجَلَسْتُ مَعَ أَبِى فِى عَرْشِهِ" (رؤ ٢١:٣).
الرب يعطينا مهرجانًا مشبعًا لأرواحنا، ومنميًا لحياتنا الروحية، والممتلئة بالسلام، لنصير أغصانًا مثمرة فى كرم الرب، ويشبع بالخير عمرنا، لنحيا له، ولنشهد لاسمه القدوس كل الأيام.
ولربنا المجد دائمًا أبديًا آمين،

Email This Share to Facebook Share to Twitter Stumble It Delicious Digg MySpace Google More...
Powered by Epouro | Designed by MBA Design